فصل: الطرف الثاني: ما يكتب في الإقطاعات في زماننا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.الطرف الثاني: ما يكتب في الإقطاعات في زماننا:

وهو على ضربين:

.الضرب الأول: ما يكتب قبل أن ينتقل إلى ديوان الإنشاء:

وفيه جملتان:
الجملة الأولى في ابتداء ما يكتب في ذلك من ديوان الجيش:
اعلم أن مظنة الإقطاعات هو ديوان الجيش دون ديوان الإنشاء؛ وما يكتب فيه من ديوان الإنشاء هو فرع ما يكتب من ديوان الجيش.
ثم أول ما يكتب من ديوان الجيش في أمر الإقطاع إما مثال، وإما قصة، وإما نزول.
فأما المثال، فإنه يكتب ناظر الجيش في نصف قائمة شامي، بعد ترك الثلثين من أعلاها بياضاً في الجدول الأيمن من القائمة ما صورته: خبز فلان المتوفى إلى رحمة الله تعالى أو المرسوم ارتجاعه أو المنتقل لغيره ونحو ذلك. ويكون خبز سطراً، وبافي الكلام تحته سطراً. وتحت ذلك ما صورته: عبرة كذا وكذا ديناراً بالقلم القبطي. وفيالجدول الأيسر ما صورته: باسم فلان الفلاني وإن كان زيادة عين؛ ثم يشملها الخط الشريف السلطاني بما مثاله: يكتب ثم يكتب تحته ناظر الجيش ما مثاله يمتثل المرسوم الشريف ويعينه على من يختاره من كتاب الجيش، ثم يترك بعد ذلك بديوان النظر؛ ويكتب تاريخه بخط كاتب ناظر الجيش بذيل المثال، ويخلده الكاتب المعين عليه، ويكتب بذلك مربعة على ما سيأتي ذكره.
وأما القصص فتختلف بحسب الحال: فتارة ينهى فيها وفاة من كان بيده الإقطاع، وتارة انتقاله عنه، وتارة ارتجاعه، وتارة طلب إعادة ما خرج عنه، وتارة طلب تجديد، ونحو ذلك.
ويكتب ناظر الجيش على حاشيتها بالكشف. ويكتب الكشف بذيل ظاهرها من ديوان الجيش بما مثاله: رافعها فلان أنهي ما هو كذا وكذا، وسأل كذا وكذا ويذكر حال الإقطاع. ثم يشملها الخط الشريف السلطاني بما مثاله: يكتب. وبافي الأمر على ما تقدم في ذكر المثال.
وأما الإشهادات فتكون تارة بالنزول، وتارة بالمقايضة؛ وربما وقع ذلك بالشركة، ثم يكتب ناظر الجيش على ظاهر الإشهاد بالكشف، ويعمل فيه على ما تقدم في القصة.
الجملة الثانية في صورة ما يكتب في المربعة الجيشية:
قد جرت عادة ديوان الجيش أنه إذا عين ناظر الجيش المثال أو القصة أو الإشهاد على أحد من كتاب ديوان الجيش يخلد الكاتب ذلك عنده، ثم تكتب به مربعة من ديوان الجيش وتكمل بالخطوط على ما تقدم، وتجهز إلى ديوان الإنشاء، فيعينها كاتب السر على من يكتب بها منشوراً على ما سيأتي.
وصورة المربعة أن يكتب في ورقة مربعة، يجعل أعلى ظاهر الورقة الأولى منها بياضاً، ويكتب في ذيلها معترضاً: أخذاً من جهة أسفل المربعة إلى أعلاها أسطراً قصيرة على قدر عرض ثلاثة أصابع ما صورته: مثال شريف- شرفه الله تعالى وعظمه- بما رسم به الآن: من الإقطاع باسم من عين فيه من الأمراء أو من المماليك السلطانية بالديار المصرية، أو بالمملكة الفلانية، أو من الحلقة المصرية أو الشامية، أو نحو ذلك على ما شرح فيه حسب الأمر الشريف شرفه الله تعالى وعظمه.
وتحت ذلك كله ما صورته: يحتاج إلى الخط الشريف أعلاه الله تعالى.
ثم يكتب داخل تلك الورقة- بعد إخلاء هامش عرض إصبعين- البسملة، وتحتها في سطر ملاصق لهل: المرسوم بالأمر الشريف العالي، المولوي، السلطاني ثم ينزل إلى قدر ثلثي الصفحة، ويكتب في السطر الثاني بعد البياض الذي تركه على مسامتة السطر الأول: الملكي الفلاني الفلاني بلقب السلطنة: كالناصري، ولقب السلطان الخاص كالزيني أعلاه الله تعالى وشرفه، وأنفذه وصرفه، أن يقطع من يذكر: من رجال الحلقة بالديار المصرية أو المملكة الشامية أو نحو ذلك، ما رسم له به الآن في الإقطاع حسب الأمر الشريف شرفه الله تعالى وعظمه.
ثم يكتب في الصفحة الثانية مقابل البسملة: فلان الدين فلان الفلاني، المرسوم إثباته في جملة الحلقة المنصورة بالديار المصرية أو الشامية، بمقتضى المثال الشريف أو المربعة الشريفة المشمولة بالخط الشريف. ثم يكتب تحت السطر الأخير في الوسط ما صورته: في السنة كربستا إن كان جميع البلد أو البلاد المقطعة لا يستثنى منها شيء، أو يكتب: خارجاً عن الملك والوقف أو نحو ذلك على ما يقتضيه الحق.
ثم يكتب تحت ذلك على حيال السطور ممتداً من أول السطر إلى آخره: خبز.
ثم يكتب تحته: فلان بن فلان الفلاني، بحكم وفاته، أو بحكم نزوله برضاه ونحو ذلك على عادته- ناحية كذا. ناحية كذا. ناحية كذا.
وإن كان فيه نقد ونحوه ذكره، ويستوفي ذلك إلى آخر: بعد الخط الشريف- شرفه الله تعالى- إن شاء الله تعالى.
ثم يؤرخ في سطرين قصيرين ويحضر إلى صاحب ديوان الإنشاء، فيعينه على من يكتبه من كتاب الإنشاء، على ما سيأتي بيانه.

.الضرب الثاني فيما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء:

وفيه خمس جمل:
الجملة الأولى في ذكر اسم ما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء:
قد اصطلح كتاب الزمان على تسمية جميع ما يكتب في الإقطاعات: من عاليها ودانيها، للأمراء والجند والعربان والتركمان وغيرهم- مناشير؛ جمع منشور. والمنشور في أصل اللغة خلاف المطوي. ومنه قوله تعالى: {وكتاب مسطور * في رق منشور}.
واعلم أن تخصيص ما يكتب في الإقطاعات باسم المناشير مما حدث الاصطلاح عليه في الدولة التركية.
أما في الزمن المتقدم فقد كانوا يطلقون اسم المناشير على ما هو أعم من ذلك: مما لا يحتاج إلى ختم: كالمكتوب بالإقطاع على ما تقدم، والمكتوب بالولاية، والمكتوب بالحماية، وما يجري مجرى ذلك. وربما سمي ما يكتب في الإقطاع مقاطعة، وربما سمي سجلاً وغير ذلك. أما الآن فإذا أطلقت المناشير لا يفهم منها إلا ما يكتب في الإقطاعات خاصة؛ وخصوا كل واحد مما عداها باسمه، على ما هو مذكور في مواضعه دون ما عداها؛ ولا مشاحة في الاصطلاح بعد فهم المعنى.
قلت: ومن خاصة المناشير أنها لا تكتب إلا عن السلطان مشمول بخطه، وليس لغيره الآن فيها تصرف، إلا ما يكتب فيه النائب الكافل ابتداء.
الجملة الثانية في بيان أصناف المناشير وما يخص كل صنف منها من مقادير قطع الورق وما يختص بكل صنف منها من طبقات الأمراء والجند:
اعلم أن المناشير المصطلح عليها في زماننا على أربعة أصناف: يختص بكل صنف منها مقدار من مقادير قطع الورق.
الصنف الأول- ما يكتب في قطع الثلثين وهو لأعلى المراتب له تقليد كان منشوره ن نوعه ومن دون ذلك إلى أدنى الرتب.
قال في التثقيف: وفي قطع الثلثين يكتب لمقدمي الألوف بالديار المصرية، سواء كان من أولاد السلطان أو الخاصكية أو غيرهم، وكذلك جميع النواب الأكابر بالممالك الإسلامية، والمقدمون بدمشق. وكل من له تقليد في قطع الثلثين يكون منشوره في قطع الثلثين.
الصنف الثاني ما يكتب في قطع النصف.
قال في التثقيف: وفيه يكتب لأمراء الطبلخانات بمصر والشام، سواء في ذلك الخاصكية وغيرهم. وكذلك الأمراء المقدمون من نواب القلاع الشامية. وفي معناها المقدمون بحلب وغيرها: من نواب القلاع وغيرهم.
الصنف الثالث: ما يكتب في قطع الثلث:
قال في التثقيف: وفيه يكتب لأمراء العشرات مطلقاً بسائر الممالك، يعني مصر والمماليك الشامية بجملتها. قال: وكذلك الطبلخانات من التركمان والأكراد بالممالك الإسلامية.
الصنف الرابع: ما يكتب في قطع العادة المنصوري:
قال في التثقيف: وفيه يكتب للمماليك السلطانية، ومقدمي الحلقة، ورجال الحلقة. إلا أنه يختلف الحال بين المماليك السلطانية، ومقدمي الحلقة، وبين رجال الحلقة بزيادة أوصال الطرة، والإتيان بالدعاء المناسب: يعني أنه يترك في طرة مناشير المماليك السلطانية ثلاثة أوصال بياضاً، وفي مناشير رجال الحلقة وصلان.
قلت: ولا فرق في ذلك بين حلقة مصر وغيرها من الممالك الشامية.
الجملة الثالثة في بيان صورة ما يكتب في المناشير في الطرة والمتن:
قال في التثقيف: إن كان المنشور في قطع الثلثين، كتب في طرته من يمين الورق بغير هامش ما صورته: منشور شريف بأن يجري في إقطاعات المقر الكريم أو الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري وإن كان نائباً زيد بعدها: الكافلي الفلاني يعني بلقبه الخاص فلان الفلاني بلقب الإضافة إلى لقب السلطان: كالناصري ونحوه. ثم الدعاء بما جرت به عادته دعوة واحدة ما رسم له به الآن من الإقطاع ويشرح ما تضمنته المربعة إلى آخره، فمن ذلك جميعه سطران بقلم الثلث.
قال: والأحسن أن يكون آخر السطر الثاني الدعاء، والتتمة بالقلم الرقاع أسطراً قصاراً بهامش من الجانبين، ثم يكتب في الوسط سطراً واحداً بالقلم الغليظ: والعدة وتحته بالقلم الدقيق خاصته، ومائة طواشي أو تسعون طواشياً أو ثمانون طواشياً أو سبعون طواشياً حسب ما يكون في المربعة. ويترك ثلاثة أوصال بياضاً بما فيه من وصل الطرة؛ ثم تكتب البسملة في أول الوصل الرابع، وبعدها خطبة مفتتحة بالحمد، ويكمل بما يناسبه، ثم يقال: أما بعد ويذكر ما ينبغي ذكره على نحو ما تقدم في التقاليد.
قال في التعريف: إلا أن المناشير أخصر، ولا وصايا فيها.
قال في التثقيف: ثم يذكر بعد ذلك اسمه بأن يقول: ولما كان الجناب وبقية الألقاب والنعوت والدعاء- ولا يزاد على دعوة واحدة هو المراد بهذه المدح، والمخصوص بهذه المنح أو نحو ذلك- اقتضى حسن الرأي الشريف أن نخوله بمزيد النعم.
وإن كان المنشور في قطع النصف كتب على ما تقدم، إلا أنه لا يقال: أن يجرى في إقطاعات. بل إن كان مقدماً بحلب أو غيرها أو طبلخاناه خاصكياً، أو كان من أولاد السلطان، كتب: أن يجري في إقطاع المجلس العالي أو السامي وإن كان طبلخاناه ممن عدا هؤلاء كتب منشور شريف بما رسم به من الإقطاع للمجلس السامي والتتمة على حكم ما تقدم من غير فرق.
وأما ما يكتب في قطع الثلث فيكتب: منشور شريف رسم بتجديده باسم فلان بن فلان الفلاني، بما هو مستقر بيده من الإقطاع الشاهد به الديوان المعمور إلى آخر وقت ويشرح حسب ما تضمنته المربعة، ثم يقال: على ما شرح فيه.
وأما الزيادات والتعويضات، فقال في التعريف: إذا رسم للأمير بزيادة أو تعويض: فإن كان من ذوي الألوف: كالنواب الأكابر، ومقدمي الألوف بمصر والشام، كتب له في قطع الطرة على العادة، وبعد البسملة: خرج الأمر الشريف يناسب الحال أن يجرى في إقطاعات المقر الفلاني أو الجناب الفلاني. وفي التتمة نظير ما تقدم في المناشير المفتتحة بالخطبة، على ما تقدم بيانه.
والذي ذكر في التعريف: أنه يكتب في ذلك لمقدمي الألوف أو من قاربهم: أما بعد حمد الله.
وإن كان من أمراء الطبلخاناه الصغار فمن دونهم حتى جند الحلقة، كتب له في قطع العادة: خرج الأمر الشريف.
قال في التثقيف: وكذلك الزيادات والتعاويض، سواء في ذلك كبيرهم وصغيرهم. قال: ويمكن أن يميز أمير آل فضل فيكتب له ذلك في قطع الثلث. قال في التعريف: أما إذا انتقل الأمير من إقطاع إلى غيره، فإنه يكتب له كأنه مبتدأً على ما تقدم أولاً.
واعلم أنه لم تجر العادة بأن تكتب في أعلى الطرة إشارة إلى العلامة السلطانية، كما يكتب في الولايات الاسم الشريف في أعلى الطرة. قال في التثقيف: والسبب فيه أن العلامة لا تخرج عن ثلاثة أمور: إما الاسم الشريف مفرداً، كما في الأمثلة السلطانية إلى من جرت العادة أن تكون العلامة له الاسم الشريف، وما يتعلق بالتقاليد والتواقيع والمراسيم الشريفة، وأوراق الطريق، أو يضاف إلى الاسم الشريف والده، أو أخوه، وذلك مما يتعلق بالأمثلة الشريفة خاصة إلى من جرت عادته بأن تكون العلامة إليه كذلك، وذلك بخلاف المناشير: فإن العلامة فيها على ما جرت به العوائد، أن يكتب السلطان: الله أملي أو الله وليي أو الله حسبي أو الملك لله أو المنة لله وحده لا يختلف في ذلك أعلى ولا أدنى؛ فلا يحتاج إلى إشارة بسببها ينبه علها، لأن ترك الإشارة إليها دليل عليها، وإشارة إليها، كما ذكر النحاة علامات الاسم والفعل ولم يذكروا للحرف علامة، فصار ترك العلامة إليها علامة، بخلاف الأمثلة: فإنها تختلف: فتكون العلامة فيها تارة الاسم، تارة أخوة، وتارة والده.
الجملة الرابعة: في الطغرى التي تكون قد جرت بين الطرة المكتتبة في أعلى المنشور وبين البسملة: قال في التعريف: قد جرت العادة أن تكتب للمناشير الكبار كمقدمي الألوف والطبلخانات طغرى بالألقاب السلطانية؛ ولها رجل مفرد بعملها وتحصيلها بالديوان. فإذا كتب الكاتب منشوراً أخذ من تلك الطغراوات واحداً، وألصقها فيما كتب به. قال في التعريف: وتكون فوق وصل بياض فوق البسملة.
قال في التثقيف: فبعد وصلين أو ثلاثة من الطرة.
قلت: ولم تزل هذه الطغرى مستعملة في المناشير إلى آخر الدولة الأشرفية شعبان بن حسين ثم تركت بعد ذلك ورفض استعمالها وأهملت. ولا يخفى أنه يرد عليها السؤال الوارد على الطغرى المكتتبة في أول المكاتبات إلى سائر ملوك الكفر من تقديم اسم السلطان على البسملة، على ما تقدم بيانه في موضعه.
وقد تقدم الاحتجاج لذلك بقوله تعالى في قصة بلقيس: إني ألفي إلي كتاب كريم إنه من سليمن وإنه بسم الله الرحمن الرحيم. وأنه يحتمل أن يكون قوله: إنه من سليمن حكاية عن قول بلقيس، ويكون بسم الله الرحمن الرحيم هو أول الكتاب، فلا يكون في ذلك حجة على تقدم الاسم على البسملة. وأنه إنما يتجه الاحتجاج بذلك على القول بأن قوله: {إنه من سليمن} من كلام سليمان عليه السلام، وأنه ربما قدم اسمه على البسملة وقاية لاسم الله تعالى، من حيث إنه كان من عادة ملوك الكفر أنهم إذا لم يرضوا كتاباً مزقوه أو تفلوا فيه، فجعل اسمه حالاً محل الوقاية. ولا شك أن مثل ذلك لا يجيء هنا، لأن المحذور فيه مفقود، من حيث إن هذه المناشير إنما تلقى إلى المسلمين القائمين بتعظيم البسملة والموفين لها حقها. وحينئذ فيكون لترك استعمالها وجه ظاهر من جهة الشرع، بخلاف ما في المكاتبات إلى ملوك الكفر.
واعلم أن هذه الطغراوات تختلف تركيباتها باعتبار كثرة منتصباتها من الحروف وقلتها، باعتبار كثرة آباء ذلك السلطان وقلتهم؛ ويحتاج واضعها إلى مراعاة ذلك باعتبار قلة منتصبات الكلام وكثرتها. فإن كانت قليلة أتي بالمنتصبات كما سيأتي بيانه بقلم جليل مبسوط، كمختصر الطومار ونحوه، لتملأ على قلتها فضاء الورق من قطع الثلثين أو النصف. وإن كانت كثيرة أتي بالمنتصبات بقلم أدق من ذلك، كجليل الثلث ونحوه اكتفاء بكثرة المنتصبات عن بسطها.
ثم تختلف الحال في طول المنتصبات وقصرها باعتبار قطع الورق: فتكون منتصباتها في قطع النصف دون منتصباتها في قطع الثلثين.
ثم قد اصطلح واضعوها على أن يجعلوا لها هامشاً أبيض من كل من الجانبين بقدر إصبعين مطبوقين، وطرة من أعلى الوصل قدر ثلاثة أصابع مطبوقة.
ثم إن كانت في قطع النصف جعلت منتصباتها مع تصوير الحروف بأسفلها في الطول بقدر. ذراع، وفي العرض بقدر. ذراع.
وإن كانت في قطع الثلثين جعل طولها مقدار. ذراع، وعرضها مقدار. ذراع. ثم تارة تكون منتصبات محضة يقتصر فيها من اسم السلطان على ما هو مذكور من اسمه واسم أبيه، وتارة يجعل اسم السلطان واسم أبيه بأعالي المنتصبات في الوسط بقلم الطومار قاطعاً ومقطوعاً، بحيث يكون ما بين أعلى الاسم وآخر أعلى المنتصبات قدر أربعة أصابع أو خمسة أصابع مطبوقة. ثم إذا ألصق الكاتب الطغرى، كتب بأسفلها في بقية وصلها في الوسط، بعد إخلاء قدر إبهام بياضاً ما صورته: خلد الله سلطانه.
وهذه صورة طغرى منشور بألقاب السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون مضمونها: السلطان الملك الناصر، ناصر الدنيا والدين، محمد بن السلطان الشهيد الملك المنصور، سيف الدين قلاوون.
وعدد منتصباتها من الألف وما في معناها خمسة وثلاثون منتصباً بقلم النصف، وهو بقدر قلم الثلث الثقيل وقدر نصفه.
وترتيب منتصباتها منتصبان متقاربان بينهما بياض لطيف بقدر مردود دقيق، ثم منتصب يحفه بياضان، كل منهما أعرض من المنتصب الأسود بيسير. وبعد ذلك منتصبان متقاربان بينهما على ما تقدم. وكذلك إلى آخر المنتصبات، فتختتم بمنتصبين مزدوجين، كما افتتحت بمنتصبين مزدوجين، على ما اقتضاه تحرير التقسيم، وهي في طول نصف ذراع بذراع القماش القاهري مع زيادة نحو نصف قيراط، وعرض مثل ذلك. وتحتها في الوسط بقلم الثلث الجليل بعد خلو عرض إصبع بياضاً ما صورته: خلد الله سلطانه؛ وهي هذه.
وهذه نسخة صغرى منشور أيضاً بألقاب السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون، مضمونها: السلطان الملك الأشرف ناصر الدنيا والدين ابن الملك الأمجد ابن السلطان الملك الناصر ابن الملك المنصور قلاوون.
وعدد منتصباتها من الألفات وما في معناها خمسة وأربعون منتصباً، بقلم جليل الثلث، بين كل منتصبين قدر منتصب مرتين بياضاً، وطولها ثلث ذراع وربع ذراع بالذراع المقدم ذكره، وعرضها كذلك؛ واسم السلطان بأعاليها بقلم الطومار بالحبر قاطع ومقطوع كما أشار إليه في التعريف.
مثاله: شعبان بن حسين- الشين والعين والباء والألف سطر، والنون من شعبان وابن سطر مركب فوق الشين والعين، وحسين سطر مركب فوق ذلك؛ وطول ألف شعبان تقدير سدس ذراع، وقد قطعت النون الألف وخرجت عنها بقدر يسير، وأول الاسم بعد المنتصب السادس عشر من المنتصبات، وآخر النون من حسين البارزة عن ألف شعبان إلى جهة اليسار بعدها أحد عشر منتصباً من جهة اليسار؛ وهي هكذا.
الجملة الخامسة في ذكر طرف من نسخ المناشير التي تكتب في الإقطاعات في زماننا:
قد تقدم الكلام في الجملة الثالثة على صورة ما يكتب في المناشير وما تفتتح به وذكر ترتيبها، واختلاف حالها باختلاف حال مراتب أصحابها صعوداً وهبوطاً، فأغنى عن ذكر إعادته هنا.
واعلم أن الأحسن بالمناشير أن تكون مبتكرة الإنشاء، ليراعى فيها حال المكتوب له في براعة الاستهلال منقولة في الاسم والكنية واللقب ونحوها ليكون ذلك أقرب إلى الغرض المطلوب؛ فإن تعذر ذلك فينبغي أن تكون براعة الاستهلال قاصرة على معنى الإقطاع وما ينجر إليه من ذكر السلطان ومنه وإحسانه إلى أخصائه، وما ينخرط في هذا السلك.
النوع الأول: ما يفتتح بـ الحمد لله:
وهوعلى ثلاثة أضرب:
الضرب الأول: مناشير أولاد الملوك:
وهذه نسخ مناشير من ذلك: نسخة منشور، كتب به عن الملك المنصور قلاوون لابنه الناصر محمد في سلطنة أبيه المذكور، من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر؛ وهي: الحمد لله الذي زين سماء الملك بأنور كوكب بزغ، وأعز ملك نبغ، وأشرف سلطان بلغ إلى ما بلغ ذوو الاكتهال من اختيار شرف الخلال وما بلغ.
نحمده حمداً تزيد به النعماء وتنمي، وتهمل به الآلاء وتهمي، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة خالصة من كل ريب، واقصة كل عيب، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي بعثه الله تعالى بمكارم الأخلاق، ومعاداة ذوي النفاق، وساوى بين الصغير والكبير من أولي الاستحقاق، والإرفاق، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما رق نسيم وراق، وما خصفت أوراق.
وبعد، فإن الهواتف أبين ما تشدو، إذا حفت الرياض بها من كل جانب، والسماء أحسن ما تبدو، إذا تزينت بالكواكب السيارة والشهب الثواقب، والسعادة أحمد ما تحدو، إذا خصصت بمن إليه، وإلا ما تشد الركائب، وعليه، وإلا ما تثني الحقائق والحقائب؛ ومن هو للملك فلذة كبده، ونور مقلته وساعد يده، ومن تتيمن السلطنة بملاحظة جبينه الوضي، تستنير بالأنور المضي، ومن تغضب الدنيا لغضبه وتزهى إذا رضي، ومن نشأ في روض الملك من خير أصل زكي، وفاحت أزاهره بأعطر أرج وأطيب نشر ذكي، وطلع في سماء السلطنة نجماً ما للنيرين ما له من الإضاءة، ويزيد عليهما بحسن الوضاءة، ومن تشوف النصر له من مهده، وتشوق الظفر إلى أنه يكون من جنده، واستبشرت السلطنة بأن صار لها منه فرع باسق، وعقد متناسق، وزند وار وجناح وارف، وفخار تليد وعز طارف، وطرفان معلمان تنشر فيهما المطارف.
ولهذه المحاسن التي تشرئب إلى قصدها آمال الخلائق المنتجعة- اقتضى حسن البر الوصول، وشرف الإقبال والقبول، أن خرج الأمر العالي- لا برحت مراسمه متزينة زينة السماء بكواكبها، ومزاحمة سمك السماك بمناكبها- أن يجرى في ديوان الجناب العالي المولوي، الملكي، الناصري.
قلت: كما أن هذا المنشور منشور سلطان فهو في البلاغة لحسن إنشائه سلطان المناشير.
الضرب الثاني من نسخ المناشير المفتتحة بالحمد: مناشير الأمراء مقدمي الألوف:
وهذه نسخ مناشير منها: نسخة منشور، كتب به للأمير بدر الدين بيدرا، أستادار الملك المنصور قلاوون، من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر رحمه الله؛ وهي: الحمد لله الذي جعل بدر الدين تماماً على الذي أحسن، وإماماً تقتدي النجوم منه بالضياء الأبين والنور الأزين، ونظاماً يجمع من شمل الذرى ما يغدو به حماه الأحمى وجنابه الأصون.
نحمده حمد من أعلى صوته وصيته أعلن، ونشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له شهادة تغدو وتبدو عند الذب وفي القلب مكانها الأمكن، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله ونبيه الذي أوهى الله به بناء الشرك وأوهن، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ورضي عمن آمن به وعمن أمن.
وبعد، فإن خير النعماء ما أتي به على التدريج، وأتى كما يأتي الغيث بالقطر والقطر لإنبات كل زوج بهيج، وأقبل كما تقبل الزيادة بعد الزيادة فبينا يقال: هذا خليج يمده البحر إذ يقال: هذا بحر يستمد منه كل خليج، وبينا يقال: هذا الأمير، إذ يقال: هذا الممير، وبينا يقال: هذا الهلال، إذا يقال: هذا هو البدر المنير.
ولما كان فلان من هذه الدولة بموضع الغرة من الجبين، ومكان الراحة من اليمين، وله سوابق خدمة لا يزاحمه أحد في طرق طروقها، ولا تستكثر له زيادة بالنسبة إلى موجبات حقوقها؛ وهو من التقوى بالمحل الأسمى، على غيره من الطراق، والمكان الأحمى، الذي مكانه منه- وإن كان أمير مجلس- صدر الرواق، وله الكرامات التي ترى الخدود لها صعر، وكم سقت من سم العداة دافة الذعر، وكم قابل نوره ناراً فصارت برداً وسلاماً، وكم تكلم على خاطر فشاهد الناس منه شيخاً من حيث الشبيبة أجل الله قدره غلاماً؛ فهو المجاهد للكفار، وهو المتهجد في الأسحار، وهو حاكم الفقراء وإن كان سلطانه جعله أستاذ الدار؛ وهو صاحب العصا التي أصبح بحملها مضافة إلى السيف يتشرف، ومعجزها لا يستكثر له أنها لكل حية تتلقف، وهو الذي تحمد الكشوف والسيوف فتوحه وفتحه، والذي يشكر يده عنان كل سابح وزمام كل سبحة؛ وكم أسال بيديه من دماء الأعداء ماء جرى، وعمل بين يديه للفقراء ما جرى، وكم ولي لله خفي شخصه فأظهر محضه فقال الولي: وما أدري درا لولا بيدرا- اقتضى حسن الرأي الشريف أن يجمل إحسان الدولة القاهرة له عملاً، وأن يحسن له علاً ونهلاً، وأن يختار له إذ هو صاحب العصا كما اختار موسى قومه سبعين رجلاً.
وخرج الأمر العالي- لا يزال ظله ظليلاً، بامتداد الفيء بعد الفيء، وعطاؤه جزيلاً، بتنويل الشيء بعد الشيء- وهو ذو الكرم والكرامات، وصاحب العصا بالأستادارية، ولا يستكثر لصاحبها سحر الحيات.
وهذه نسخة منشور من ذلك لمن لقبه سيف الدين، من إنشاء المقر الشهابي بن فضل الله؛ وهي: الحمد لله الذي جرد في دولتنا القاهرة سيفاً ماضياً، ووفق من جعل فعله لمزيد النعم متقاضياً، وأسعد بإقبالنا الشريف من أصبح به سلطانه مرضياً وعيشه راضياً.
نحمده على نعمه التي تسر موالياً وتسوء معادياً، وتقدم من أوليائنا من يقوم مقامنا إذا سمع منادياً، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة كم أروت في موارد الوريد من الرماح صادياً، وأورت هادياً، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أنزل القرآن بصفاته حالياً، وأحلنا ببركة المشاركة في اسمه المحمدي مكاناً عالياً، صلى الله عليه وعل آله وصحبه صلاة لا يبرح كل لسان لها تالياً، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فإن صدقاتنا الشريفة لم تزل تجدد إنعاماً، وتزيد إكراماً، وتضاعف لكل من أضحى ناصراً بحقيقة ولائه إجلالاً وإعظاماً، ليترقى إلى أعلى الدرج، ويعلم أنه قد ورد البحر فيحدث عن كرمه ولا حرج، ومن رأى التقرب إلى الله تعالى بمراضينا الشريفة فتقرب إليها، وأقبل بقلب مخلص عليها، وأشبه البدور في مواقفه توسماً، وحكى السيف بارق ثغره لما أومض في حومة الحرب متقسماً، وأقدم حين لم يجد بداً أن يكون مقدماً، ووصفت الطعنات التي أطلعت أسنتها الكواكب بها درية، والحملات التي تقر العدا لفعلاتها أنها بها درية؛ كم له من محاسن، وكم عرفت له من مكامن، وكم له من صفات كالعقود يصدق بها من قال: الرجال معادن؛ كم من همة تترقى به إلى المعالي، كم له من عزمة يروى حديثها المسند عن العوالي؛ كم به أمور تناط، وكم جمهور يحاط؛ كم له ن احتفاء واحتفال، وكم له من قبول وإقبال، وكم له من وثبات وثبات، وكم له من صفات وصفات، وكم له إماتة كماة؛ كم له من مناقب تصبح وتمسي، وكم له من معارف لما علم بها ملكه- خلد الله ملكه- قال الملك: ائتوني به أستخلصه لنفسي.
فلذلك لا تزال آراؤنا العالية تعقد له في كل وقت راية، وتسعى به إلى أبعد غاية، وتتبع له كل عناية بعد عناية، حتى لا تخلو دولتنا الشريفة من سيف مشهور، وعلم منشور، وبطل لا يرد عن التصميم تصميماً، ولا تعد أكابر الأمراء إلا ويكون على العساكر مقدماً وعلى الجيوش زعيماً: ليعلم كل مأمور وأمير، وكل مماثل ونظير، إن حسن نظرنا الشريف يضاعف لمن يقرب إلينا بالطاعة إحساناً، ويوجب على من وجد الميسور بهذا المنشور امتناناً: {ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً}.
ولما كان فلان هو المعني بهذه المقاصد، والمخصوص بهذه الممادح والمحامد، والواحد الذي ما قدم على الألف إلا وكالألف ذلك الواحد.
فلذلك خرج الأمر الشريف- لا زالت أيامه موصولة الخلود، موسومة بمزايا الجود- أن يجري في إقطاعه...........
وهذه نسخة منشور من ذلك لمن لقبه شمس الدين كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون؛ وهي: الحمد لله الذي جعل دولتنا القاهرة مطلع كل قمر منير، ومجمع كل مأمور وأمير، وموقع كل سحاب يظهر به البرق في وجه السحاب المطير، الذي شرف بنا الأقدار، وزاد الاقتدار، وجعل ممالكنا الشريفة سماء يشرق غيها الشموس والأقمار.
نحمده على نعمه التي تختال أولياؤنا بها في ملابسها، وتختص بنفائسها، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نجرد سيف الدين لإقامتها، ونحافظ بوقائعه في الحرب على إدامتها، ونشهد أن محمداً عبه ورسوله الذي خصه بمزية التقريب، وشرفه على الأنبياء بالمكان القريب، صلى الله عليه وعلى آله الذين عظمهم بقربه، وكرمهم بحبه، وقدمهم في السلف الصالح إذا جاء كل ملك بأتباعه وكل ملك بصحبه، وسلم.
وبعد، فإن أولى الأولياء أن تشمله صدقاتنا الشريفة بحسن نظرنا الشريف، وبرفعة قدره المنيف، ليتم له إحسانها، ويزيد إمكانها، حتى ينتقل هلاله إلى أكمل مراتب البدور، ويمتد بحصنه المستظل به كثير من الجمهور، ويتقدم في أيامنا الشريفة إلى الغاية التي يرجوها، ويقدم قدمه إلى مكانة أمثاله التي حلوها، وتتكمل بنا نعمة الله: {وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها} - الناصري بحقيقة ولائه، البهادري شجاعة في لقائه، من تكفلت صدقاتنا العميمة له بما لم يكن في أمله، وجملت حمايتنا الشريفة معاطفه بأبهى مما ينسجه الربيع من حلله، وتوسمنا فيه من معرفة تقرب إلى مراضينا الشريفة بها درياً، وهمة جردنا بها منه سيفاً بهادرياً، وطلعة أطلعت منه بالبهاء كوكباً درياً، مع ما تخول فبه من نعمنا الشريفة وقام به في أبوابنا العالية من أحسن القيام في كل وظيفة.
ولما كان فلان هو الذي أشرنا إليه، ونبهنا مقل النجوم عليه، فاقتضت آراؤنا الشريفة أن نبلغه أقصى رتب السعادة، ونعجل له بحظ الذين أحسنوا الحسنى وزيادة، ليعد في أكابر أمراء دولتنا الشريفة إذا ذكروا، والمقدمين على جيوشنا المصورة إذا بادروا إلى مهم شريف أو ابتدروا، ليعلم كل أحد كيف يجازي كل شكور، وكيف يتحلى بنعمنا الشريفة كل سيف مشهور، وكيف نذكر واحداً منهم فيغدو في زعماء العسكر المؤيدة وهو مذكور، ليبذلوا في خدمة أبوابنا الشريفة جهدهم، ويتوكلوا على الله تعالى ثم على صدقاتنا العميمة التي تحقق قصدهم.
فلذلك خرج الأمر الشريف...........
وهذه نسخة منشور من ذلك، كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون لمن لقبه بدر الدين؛ وهي: الحمد لله الذي زين أفق هذه الدولة القاهرة ببدرها، وسيره في درج أوجها ونصرها، ونقله في بروج إشراقها ومنازل فخرها.
نحمده على نعمة المنهلة ببرها، المتهللة ببشرها، المتزايدة كلما زدنا في حمدها وشكرها، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنطق بها القلوب في سرها وجهرها، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث إلى الأمم بأسرها، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تملأ الوجود بأجرها، وتضمن لأمتها النجاة يوم حشرها.
وبعد، فإن أولى من تنعمت النعمى بتواليها عليه ومرها، وخير من استقرت الخيرات عنده في مستقرها، وأعلى من عممته ألسنة الأقلام ببدائع نظمها ونثرها، وخصصته بمحامد تتأرجح المناشير بنشرها- من كان للدولة القاهرة يشرح صدرها، بتيسير أمرها، بحمل وزرها، ويتكفل بأداء فرائض إتمامها ونصرها، ويوصل حمل ما يفتحه من الحصون الضيقة إلى مصرها.
ولما كان فلان هو بدر هذه القلائد ويتيمة درها، وصاحب هذه الألغاز ومفتاح سرها- اقتضت الآراء الشريفة أن تزف إليه عرائس العوارف، ما بين عوانها وبكرها، وترف عليه نفائس اللطائف، ما بين شفعها ووترها، وتتهادى إليه الهدايا ما بين صفرها ومرها، وتتوالى عليه الآلاء ما بين ثمرها وزهرها، وأن تزداد عدته المباركة في كميتها وقدرها، وأن تكمل عشراته التسع بعشرها، ليعلم أنه لا يبرح في خلدها وسرها، وأنها لا تخليه ساعة من سعيد فكرها.
فلذلك خرج الأمر العالي- لا زالت الأقدار تخص دولته القاهرة بإطابة ذكرها، وإطالة عمرها، ولا برحت الأملاك كفيلة بنصرها، بمضاء بيضها وإعمال سمرها- أن يجري...........
وهذه نسخة منشور من ذلك كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون لمن لقبه صلاح الدين، وهي: الحمد لله الذي أتحف الممالك الشريفة من سعيد تدبيرنا، بصلاحها، وصرف حميد تأثيرنا، بإنجاب الأولياء وإنجاحها، وأسعف طوامح أمانيهم: من اقترابهم م خواطرنا الشريفة في بعدهم وتدانيهم بإجابة سؤالها وإصابة اقتراحها.
نحمده على أن جعل نصر دولتنا الشريفة قريباً من نصاحها، ونشكره على أن وصل أراجيهم بإرباحها، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تحسن المآل والعاقبة لذوي الإخلاص كما أحسنت في ابتدائها وافتتاحها، ويؤذن حسن اعتنائها لأحوال أولي الاختصاص بإصلاحها، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي عمت مواهبه، بإبراق سمائها وإغداق سماحها، وسمت مناقبه، بائتلاق غررها وإشراق أوضاحها، وأمت مواكبه، ديار العدا فشدت عليهم مشهور قراعها ومنصور كفاحها، صلى اله عليه وعلى آله وصحبه الذين أصابت أكفهم في السلم بمسعفات أقلامها وصالت أيديهم في الحرب بمرهفات رماحها، ما جرت الأقدار بمتاحها، وسرت المبار لممتاحها، وظهرت آثار الإقبال التام على من له بخدمتنا اهتمام واحتفال فلاح على مقاصده معهود فلاجها، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد فإن أولى من لمحه نظرنا الشريف حيث كان، ورجحه فكرنا الحسن الجميل فمنحه الإجمال والإحسان، من لم يزل شكره أرجاً بكل مكان، وذكره بهجاً تسري به الركائب وتسير به الركبان، وصدره الرحيب مستودع الأسرار فلا تصاب إذ كانت فيه تصان، وقدره عندنا المحفوظ المكانة، فإن بعد فهو قريب دان، وأمره منا الملحوظ بالإعانة، فلا نزال نوليه البر ونعلي له الشأن.
ولما كان فلان...........
وهذه نسخة منشور، كتب به للأمير سعد الدين مسعود بن الخطيري، من إنشاء الشريف شهاب الدين كاتب الإنشاء؛ وهو: الحمد لله على نعمه التي زادت سعوداً، وضاعفت صعوداً، وكرمت في أيامنا من لا حاجب له عن أن نمنحه من إنعامنا مزيداً، وقدمت بين أيدينا الشريفة من أوليائنا من غدا قدره عندنا خطيراً وحظه لدينا مسعوداً.
نحمده على أن أنجز لأصفيائنا من وفائنا وعوداً، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تحمد لمخلصها صدوراً ووروداً، وتلقى مؤمنها بالبشر إذا جمع الموقف وفوداً، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي شرف بإنجاده مطروداً، وأردف بالملائكة جنوداً، وأوصل به حقوقاً وأقام حدوداً، وحجب ببركاته وفتكاته الأسواء فغدا العدل موجوداً، وأضحى الحكم مقصوداً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين ما منهم إلا من كان بالمؤمنين رحيماً وعلى المشركين شديداً.
أما بعد، فنعمنا إذا أولت ولياً، منحها والت، وإذا قدمت صفياً، وهبته مزيدها وأنالت، وإذا أقبلت بوجه إقبالها على مخلص تتابعت إليه المسرات وانثالت، لا سيما من أطابت الألسنة الثناء عليه وأطالت، وجبلت سجاياه على العدل والمعرفة فما حاقت ولا مالت، وأوصلت رأفته منا المستضعفين وعلى المجرمين سطوته صالت؛ فبيمن مقاصده هانت الخطوب وإن كانت فتكاته في الحروب كم هالت، وهممه في السلم قد جلت ويوم الروع كم جالت، وعزائمه كم غارت فأغارت وللمعتدين كم غالت، وكم سبق إلى خدمتنا صاحب الشمس وكيف لا وهو البدر ولكنه لم يزل وإن هي زالت.
وكان فلان هو الذي نقلناه في درجات التقديم حتى كمل بدره، ووقلناه في مراتب التكريم حتى أصبح وهو المسعود حظه المحمود ذكره، وخولناه مواهب جودنا العميمة فاستد باعه واشتد أزره.
فلذلك خرج الأمر الشريف- لا برح إنعامه يجل عن الحصر، ودولته يخدمها العز والنصر، وإكرامه يقضي بمسرات الأولياء بالجمع ويفضي إلى أعمار الأعداء بالقصر-...........
وهذه نسخة منشور، كتب به لعلاء الدين إيدغمش أمير آخور الناصري كتب به الدولة الناصرية محمد بن قلاوون، من إنشاء الشريف؛ وهو: الحمد لله الذي زاد علاء دولتنا الشريفة، وأفاد النعماء التامة من قام بين أيدينا أتم قيام في أتم وظيفة، وأجاد الآلاء المتوالية بمن أعنة الجياد بإشارته مصرفة ومنة الجود بسفارته مصروفة، وأراد الاصطفاء لأعز همام: في قلوب الأولياء له محبة وفي قلوب الأعداء منه خيفة، وأباد أولي العناد بفتكاته التي بها الغوائل مكفية والطوائل مكفوفة، وشاد الملك الأعز بإرفاد ولي له الشجاعة المشكورة والطاعة المعروفة.
نحمده على أن جعل اختياراتنا بالتسديد محفوظة وبالتأييد محفوفة، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة السرائر لإخلاصها ألوفة، والضمائر على اختصاصها معطوفة، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي نسله من النبعة المنيفة وأرسله بالشرعة الحنيفة، وفضله بالرفعة على ظهر البراق إلى السبع الطباق وجنود الأملاك به مطيفة، صلى الله عليه وعلى آله ذوي الهمم العلية والشيم العفيفة، ورضي الله عن أصحابه الذين لو لأنفق أحد مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، صلاة تبيض بالأجور الصحيفة وتعوض بالوفور من مبراتنا الجليلة بفكرتنا الجميلة اللطيفة، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد، فكرمنا يسبغ المواهب والمنائح، ونعمنا تبلغ المآرب والمناجح، فلا نبرح ننقل في درجات الصعود من هو في خدمتنا لا يبارح، ويتكفل صالح نظرنا الشريف صلاح حال من أجمل النصائح وأثل المصالح، فكم راض لنا من جامح، وخاض بحر الوغى على ظهر سابح، وحمى رواق الإسلام من رعبه بذب ورمى أعناق الكفار من عضبه بذابح، وأصمى المقاتل بكل نابل يستجن في الجوانح، وانتمى إلى سعادة سلطاننا الناصر الفاتح، وسما عزم إعلانه بتقريبه وإدنائه إلى السماك الرامح. طالما مس الكفار الضر إذ مساهم بالعاديات الضوابح، وأحس كل منهم بالدمار لما ظن أنه لحربه يكابد ولحزبه يكافح، وصبحهم بإغارته على الموريات قدحاً فأغرى بهم الخطوب الفوادح، وطرحهم بالفتكات إلى الهلكات فصافحت رقابهم رقاب الصفائح، وأخلى من أهل الشرك المسارب والمسارح، وأجلى أهل الإفك عن المطارد والمطارح.
ولما كان فلان هو الذي استثار إليه شأن هذه المدائح، وسار بذكره وشكره كل غاد ورائح.
خرج الأمر الشريف- لا برح سبيل هداه الواضح، وجزيل نداه يغدو كالغوادي بالعائد والبادي من لا زال........... إلخ.
وهذه نسخة منشور كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون لجمال الدين أقوش الأشرفي، المعروف بنائب الكرك عند خروجه من الجب؛ وهي: الحمد لله مفرح القلوب، ومفرج الكروب، ومبهج النفوس بذهاب غياهب الخطوب، ومبلغ من تقادم عهده في حفظ ولائنا نهاية المرغوب، وغاية المطلوب، الذي أعاد إلى المخلصين في طاعتنا النعمة بعد شرودها، وعوضهم عن تقطيب فضله وهو الناصح،...........
وهذه نسخة منشور، كتب به الأمير شمس الدين سنقر البكتوتي الشهير بالمساح؛ وهي: الحمد لله الذي أجزل المواهب، وجدد من النعم ما لا تزال الألسنة تتحدث عن بحرها بالعجائب، وأطلع في أفق الدولة الشريفة شمساً تستمد من أنوارها الكواكب.
نحمده على نعم يتوالى درها توالي السحائب، ويغالى درها عن أن تطوق به الأذنان والترائب، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تختص قائلها من درجات القبول والإقبال بأسمى الدرجات وأسنى المراتب، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي اصطفاه من لؤي بن غالب، وصان ببعثته الشريفة رداء النسك عن كل جاذب، وخصه بأشرف المواهب، وصير الإيمان بنور هدايته واضح السبل والمذاهب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة لا يمضي جزء من الدهر إلا ووجودها فيه وجود الفرض الراتب، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد فإن أحق من حلي من النعماء بأفضل العقود، وخص بأضفى ملابس الإقبال وأصفى مناهل الإفضال: فاستعذب من هذه الورود، واختال من هذه أجمل البرود، ومنح من الإقبال بكل غادية تخجل السحاب إذ يجود، وإن رقمت بها الأقلام سطوراً في طروس أزرت بالزهر اليانع والراوض المجود، ونقل قدره من منزل عز إلى منزل أعز فكان كالشمس تتنقل في منازل الشرف والسعود- من ظهرت مكارم سماته، واشتهرت محاسن صفاته، وطلعت في سماء العجاج نجوم خرصانه ولمعت في دجى النقع بروق ظباته، وقدم على الجيوش والجحافل فظهرت نتائج التأييد والتسديد من تقدمه وتقدماته، وهزم جيوش الأعداء، في مواقف الهيجاء؛ بثبات أقدامه في إقدامه ووثباته، وتجرد في المهمات والملمات تجرد الماضين: من سيوفه وعزماته.
ولما كان فلان هو الموصوف بهذه الأوصاف الجليلة، والمنعوت بهذه المحاسن الجميلة، والمشار إليه بهذه المحامد والممادح التي تزهو على زهر الكواكب، وتسمو بما له من جميل المآثر والمناقب- أوجب له الاختيار المزيد، وقضى له الامتنان بتخويله نعماً وتنويله منناً: تضحي هذه عقداً في كل جيد، وتمسي هذه مقربة له من الآمال كل بعيد- واقتضى حسن الرأي الشريف أن يمنح بهذا المنشور، ليخص من الأولياء بالسعد الجديد والجد السعيد.
فلذلك خرج الأمر الشريف...........
وهذه نسخة منشور، كتب به للأمير خاص ترك في الروك الناصري وهي: الحمد لله على نعمه التي سرت إلى الأولياء ركائبها، وهمت على رياض الأصفياء سحائبها، وتوالت إلى من أخلص في الطاعة بغرائب الاحسان رغائبها، وتكفلت لمن خص بأسنى رتب البر الحسان مكارمها العميمة ومواهبها، وغمرت بحار كرمها الزاخرة من يحدث عن البحور التي لا تفنى عجائبها.
نحمده على نعمه التي إذا أغبتنا سحائب الندى أعقبت سحائب، وخصت الخواص من درج الامتنان بمراتب تزاحمها الكواكب على نهر المجرة بالمناكب، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة لا يزال الجهاد يرفع ألويتها، والجلاد يعمر بوفود الإخلاص أنديتها، والإيمان يشيد في الآفاق أركانها الموطدة وأبنيتها، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أيده الله بنصره، وخصه بمزية التقدم على الأنبياء مع تأخر عصره، وآتاه من المعجزات ما تكل ألسنة الأقلام عن إحصائه وحصره، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين حاطوا دينه بالمحافظة على جهاد أعدائه، وأيدوا ملته بإعادة حكم الجلاد في سبيل الله وإبدائه، صلاة لا يزال الإيمان يقيم فرضها، والإيقان يملأ طول البسيطة وعرضها، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فإن أولى من ضوعفت له النعم، ووطدت له الرتب التي لا تدرك غاياتها إلا بسوابق الخدم، وأشرقت به مطالع السعود، وحققت له مطالب الاعتلاء والصعود، ورفعته مواقع الإحسان إلى أسنى المراتب التي هو ملي بارتقائها، وتولت له هوامع البر والامتنان انتقاء فرائد النعم التي هو حقيق باختيارها وانتقائها، وبلغته العناية بأجل مما مضى قدراً، واستقبلته الرعاية من أفق الإقبال بما إذا حقق التأمل وجد هلاله بدراً- من ربي في ظل خدمتنا التي هي منشأ الآساد، ومربى فرسان الجهاد، وعرين ليوث الوغى التي آجامها عوالي الصعاد، وبراثنها مواضي السيوف الحداد، وفرائسها كماة أهل الكفر وحماة أرباب العناد؛ فكم له في الجهاد من مواقف أعزت الدين، وأذلت المعتدين، وزلزلت أقدام الأبطال، وزحزحت ذوي الإقدام عن مواقف المجال، وحكمت صفاته في القمم، وأنبتت صفاحه في منابت الهمم، وفرقت ما لأهل الكفر من صفوف، وأرتهم كيف تعد ألوف الرجال بالآحاد وآحادها بالألوف.
ولما كان فلان هو الذي أشير إلى مناقبه، ونبه على شهرة إقدامه في كل موقف يمن عواقبه، وأوميء إلى خصائص أوصافه التي ما زال النصر يلحظها في مشاهد الجهاد بعين ملاحظه ومراقبه- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نجدد اعتلاء مجده، ونزيد في أفق الارتقاء إضاءة إقباله وإنارة سعده.
فلذلك خرج الأمر الشريف الأيام بابتسامها وعن خمولها بسعودها، وألقى على الأول منهم جمالاً لا يسع الأذهان أن تتصف بإنكار حقوقه وجحودها.
نحمده على ما وهبنا من الأناة والحلم، وخص به دولتنا من المهابة التي تخشى يوم الحرب والمواهب التي ترجى يوم السلم، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تكلفت بالنجاة لقائلها، وأغنت من حافظ عليها عن ضراعات النفوس ووسائلها، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث برعاية الذمم، والمنعوت بحسن الرأفة التي هي شعار أهل الوفاء والكرم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما تلافت الأقدار نفوساً من العدم، وتوافت الأماني والمناجح فأظفرت من أخلص نيته الجميلة برد ضالة النعم، صلاة تضفي على الأولياء حلل القبول والرضا، وتصفي من الأكدار مناهل سرورهم فكأن الخطب أبرق وأومض فمضى، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فإن أولى من انتظمت بعد الشتات عقود مساره، وابتسمت بعد القطوب ثغور مباره، واشتملت عواطفنا عليه فجلبت أسباب منافعه وسلبت جلباب مضاره، واحتفلت عوارفنا بالملاحظة لعهده الوثيق العرا، والمحافظة على سالف خدمته التي ما كان صدق ولائها حديثاً يفترى، وسبق له من الاختصاص في الإخلاص ما يرفعه من خاطرنا مكانة عالية الذرا- من أضحى من السابقين الأولين في الطاعة، والباذلين في أداء الخدمة والنصيحة لدولتنا جهد الاستطاعة، والمالكين للمماليك بحسن الخلة وجميل الاعتزام، والمحافظين على تشييد قواعد الملك بآرائه وراياته التي لا تسامى ولا تسام، وأمسى هو الولي الذي لا يشاركه أحد في إخلاص الضمير في موالاتنا وصفاء النية، ولا يساهمه ولي فيما اشتمل عليه من صدق التعبد وجميل الطوية، المخلص الذي انفرد بخصائص الحقوق السابقة والأنفة، وامتاز بموجبات خدم لا تجحد محافظتها التالدة والطارفة، وطلعت شمس سعادته في سماء مملكتنا فلم يشبها الغروب، وأضاء بدره في أفق عزه فكان سراره مذهباً لأعين الخطوب.
ولما كان فلان........... إلخ.
الضرب الثالث مما يفتتح بالحمد: مناشير أمراء الطبلخاناه:
وقد تقدم أنها كمناشير مقدمي الألوف في الترتيب إلا أنها أخصر منها.
وهذه نسخ مناشير من ذلك:
نسخة منشور كتب به لبعض الأمراء؛ وهي: الحمد لله رافع الأقدار، ومجزل المبار، وجاعل يمين كرمنا مبسوطة باليسار.
نحمده على غيث فضله الدار، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة سرت الأسرار، وأذهب نورها ما كان للشرك من سرار، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أنجد له في نصر الحق وأغار، وأرهف من سيف النصر الغرار، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين منهم من كان ثاني اثنين في الغار، ومنهم من سبقت له دعوة سيد المرسلين من سالف الأقدار، ومنهم من كرم الله وجهه فكان له من أعظم الأنصار.
وبعد، فإن العطايا أيسر ما يكون تنويلها، وأسر ما يلفى تخويلها، إذا وجدت من هو لرايتها متلقياً، وفي ذرا الطاعة مترقياً، ومن إذا صدحت حمائم التأييد كانت رماحه الأغصان، وألويته الأفنان، ومن تردى ثياب الموت حمراً فما يأتي لها الليل إلا وهي بالشهادة مخضرة من سندس الجنان، وإذا شهر عضبه، أرضى ربه، وإذا هز رمحه، حمى سرحه، وإذا أطلق شهماً، قتل شهماً، وإذا جرد حساماً، كان حساماً، وإذا سافرت عزائمه لتطلب نصراً، حلت سيوفه فجاءت بالأوجال جمعاً وبالآجال قصراً.
ولما كان فلان هو الذي جمع هذه المناقب الجمة، وامتاز بالصرامة وعلو الهمة، استحق أن ينظر إليه بعين العناية، وأن يجعل ابتداؤه في الإمرة دالاً على أسعد نهاية.
فلذلك خرج الأمر الشريف- لا زال يرفع الأقدار، ويجزل المبار، أن يجرى في إقطاع........... إلخ.
وهذه نسخة منشور لمن لقبه زين الدين؛ وهي: الحمد لله الذي وهب هذه الدولة من أوليائها أحسن زين، ومنحها منهم من يشكر السيف والعنان من اليدين، ومن يملأ ولاؤه القلب وثناؤه السمع وبهاؤه العين.
نحمده على نعمه التي نفت عن نور الملك كل شيء من شين، وأبقت له من كماته وحماته من لا في إخلاصه ريب ولا في محافظته مين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة متبريء من اتخاذ إلهين اثنين، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله شهادة متمسك من هذه وهذه بعروتين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة دائمة ما جمع المسافر من الصلوات بين الأختين، وما جلس خطيب بين خطبتين، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فإن خير من رقى خطيبه إلى أرفع رتبة، وأنجح في تخويل النعم على كل طلبة ورغبة، لا بل أهديت إليه عرائس النعماء وقد ابتدأت هي بالخطبة، وكثر له في معروف أصبح ببذله معروفاً، وأعين على جود أمسى به موصوفاً، وذللت له قطوف إحسان كم ذلل الأولياء من أجله في مراضي الدولة ومحابها قطوفاً فقطوفاً- من خلف الملك أحسن الخلف، ومن له بفعل الخير أعظم كلف، ومن يشهد له بالشجاعة الخيل والليل والبيداء، والسيف والرمح والأعداء؛ فلا غزوة إلا له فيها تأثير وأثر، ولا ندوة إلا وبها من وصفه بالذكر الجميل سمر، تتشوف إلى ملاحظة غرته كل عين ويتبين لحياطته في الوجود كل أثر، ما أنار وجهه في نهار سلم إلا وقيل الشمس ولا بدا في ليل خطب إلا وقيل القمر.
ولما كان فلان هو بدر هذه الهالة، وجل هذه الجلالة، ونور هذه المقلة، ولابس هذه الحلة- اقتضى حسن الرأي الشريف أن تكثر لديه النعم وأن يجري بتنمية الإحسان هذا القلم.
فلذلك خرج الأمر الشريف- لا برح يجود، وبالخيرات يعود- أن يجري في إقطاعه........... إلخ.
وهذه نسخة منشور من ذلك؛ وهي: الحمد لله الذي يجب أن يحمد، ونمدحه بما لا يماثله الدر المنضد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أفضل ما به نشهد، ونصلي على نبيه وعبده سيدنا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه في كل مقال يتجدد، صلاة فيها الأقلام لا تتردد فيما تتردد، ورضي الله عن أصحابه وسلم وكرم ومجد، ما غرب فرقد وطلعت شمس ثم ما غربت شمس وطلع فرقد.
وبعد، فإن لآرائنا العالية المزيد في كل ما تقتضيه، وفي كل من ترتضيه، من جميع أوليائها، لجميل آلائها، ممن فاق أبناء جنسه، وكان في أمثاله وحيداً لأنه لا يوجد له نظير وهو كثير بنفسه، وتسابقت الخيل إلى ارتقائه على صهواتها، والتطمت بحار الوغى لما ألقى له كل سابح في غمراتها، وافتخرت القسي بمده الذي لا تخرج به الأقمار عن هالاتها، والسيوف لأنه إذا اشتركت معه في لقب كان أسمى مسمياتها، والرماح لأنه كم له عليها من منة لما أطلقها في الحروب من اعتقال راياتها، وتجددت الألسنة فيما يتلوه من سورات الفرسان لأنه أكبر آياتها؛ وهو الذي انتظمت به المعالي والعوالي قصدها الذي به يرى غمرات الموت ثم يزورها على ما هي عليه من إهالاتها، مع ماله في خدمتنا الشريفة من سوابق لا تجارى في سبيل، ولا يلحق لها شأواً أشهب الصبح ولا أدهم الليل ولا أشقر البرق ولا أصفر الأصيل: فاقتضت صدقاتنا الشريفة له الإحسان، وتقاضت عوارفنا الحسان، فرفعت له رتبة لا يبلغها كثير من الناس إلا باللسان؛ وكان فلان هو الذي حسن وصفاً، وشكرت مساعيه سجاياه وهو أوفر وأوفى.
فلذلك خرج الأمر الشريف........... إلخ.
وهذه نسخة منشور؛ وهي: الحمد لله على نعمه التي أسنت المواهب، وأغنت الأولياء بآلائها عن دوم الديم وسح السحائب.
نحمده على غرائب الرغائب، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تتكفل لقائها ببلوغ المآرب، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي افتخرت باسمه المناقب، وانتصرت بعزمه المقانب، وقهر بباسه كل جان وعمر بناسه كل جانب، وكشف الله ببركته اللأواء، وغلب بفتكاته الأعداء؛ وكيف لا وهو سيد لؤي بن غالب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين أذل بجهادهم المحارب، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فإن أولى من أعذبنا نهله، وأنجحنا أمله، وأجزلنا له من هبات جودنا وأغدقنا عليه من منن عطائنا ورفدنا- من نازل الأعداء يوم الوغى فراح إلى أعلامهم فنكسها وإلى أعناقهم فوقصها، وحكم سيفه في أشلائهم وأرواحهم: فهذه اقتناها وهذه اقتنصها؛ ما فوق يوم الروع سهمه إلا أصاب المقاتل، ولا شهر سيفه إلا قهر ببأسه كل باسل، ولا سارت عقبان راياته إلى معترك الحرب ضحى إلا ظلل بعقبان طير في الدماء نواهل.
ولما كان فلان هو الذي يشير إليه بنان هذا المدح، ويسير إليه إحسان هذا المنح- فلذلك خرج الأمر الشريف: لا برحت ظلال كرمه وارفة، وسحائب نعمه واكفة- أن يجرى في إقطاعه........... إلخ.
وهذه نسخة منشور تصلح لمن مات أبوه؛ وهي: الحمد لله الذي جعل سماء كرمنا، على الأولياء هأمية السحاب، وعوارفنعمنا، جميلة العقبى للأعقاب، وعواطف أيامنا الشريفة تجزل العطاء وتجبر المصاب.
نحمده على نعمه التي ما سخنت العيون إلا أقرتها، ولا اكتأبت النفوس بملمة إلا سرتها، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة لا يزال ربع الأنس بها معموراً، وصدع النفس بها مجبوراً، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أصبح شعث الإيمان به ملموماً، وحزب الطغيان به مهزوماً، وداء البهتان بحسامه محسوماً، صلى الله عليه وعلى آله الذين كان هو بدر السيادة وكانوا نجوماً، صلاة لا يبرح ذكرها في صحائف القبول مرقوماً، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فإن أولى من درت أخلاف جودنا لخلفه، ورعى كرمنا خدم سلفه، ونقلنا هلاله من تقريبنا إلى منازل شرفه، وأجراه إحساننا على جميل عوائده، وسوغه نوالنا أعذب موارده، جمع له إنعامنا بين طارفه وتالده، من أستمسك من سبب إخلاصنا بآكده، وحذا في ولائنا أحسن حذو ولا غرو أن يحذو الفتى حذو والده، واشتهر بالشهامة التي أغنت بمفردها عن الألوف، وعرف بالإقدام الذي طالما فرق الجموع واخترق الصفوف، ما دنا من الأعداء إلا دنت منهم الحتوف، ولا أظلم ليل النقع إلا جلته أنجم الصعاد وأهلة السيوف.
ولما كان فلان هو الممدوح بجميل هذه الشيم، والمنوح جزيل هذه النعم، والشبيه في موالاتنا بأبيه ومن أشبه أباه فما ظلم.
فلذلك خرج الأمر الشريف- لا برحت سحب كرمه هاطلة الأنواء، شاملة الآباء والأبناء- أن يجرى في إقطاعه........... إلخ.
النوع الثاني من المناشير: ما يفتتح بـ أما بعد:
ويختص بأمراء العشرات ومن في معناهم: كأمراء العشرينات ونحوهم ممن لم يبلغ شأو الطبلخانات، وهي على ضربين:
الضرب الأول في مناشير العشرات:
كائناً ذلك الأمير من كان، وهذه نسخ مناشير من ذلك:
نسخة منشور من ذلك؛ وهي: أما بعج حمد الله على نعمه التي يبديها ويعيدها، ويفيئها ويفيدها، ويديمها على من شكر ويزيدها، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي نزلت لنصره ملائكة السماء وجنودها، وأخذت على الإقرار بنبوته مواثيق الأملاك وعهودها، وعلى آله صحبه الذين هم أمناء الأمة وشهودها- فإن أحق من تقلب في إنعامنا، وتقدم في أيامنا، وتوالت إليه آلاؤنا تترى، وتكررت عليه نعماؤنا مرة بعد أخرى، من ظهرت آثار خدمته، وصحت أخبار نجدته، وشكرت مساعيه الجليلة، وحمدت دواعيه الجميلة، وكان له من صفاته الحسنى، ما ينيله من الدرجات الأعلى ومن المطالب الأسنى.
ولما كان فلان ممن زانته طاعته، وقدمه إقدامه وشجاعته، وشهدت له مواقف الحروب، أنه مجلي الكروب، وأقر له يوم الوغى، بإبادة من بغى، وكان له ع الشهامة الرأي الثاقب، والسهم الصائب، يصيب ولا يصاب، جذع القريحة، رابط الجأش عند تغير الأذهان الصحيحة- اقتضى حسن الرأي الشريف أن ترفع درجته، وتعلى رتبته، وينظم في عقود الأمراء، ويسلك به جادة الكبراء، ليرفيه في درج السعادة، وتبلغ به رتبة السيادة.
فلذلك خرج الأمر الشريف- لا برحت هأمية غوادي آلائه، سابغة ملابس نعمائه- أن يجري في إقطاعه........... إلخ.
وهذه نسخة منشور من ذلك؛ وهي: أما بعد حمد الله على نعمه التي فسحت في كرمها مجال المطالب، وفتحت لخدمها أبواب نجح المآرب، وحققت في عوارفها آمال من تقرب إليها من الخدمة والطاعة بأنجح ما تقرب الراغب إلى الرغائب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي زوى الله له الأرض ليرى ما تنتهي إليه الكواكب، وعلى آله وصحبه الذين استسهلوا في جهاد أعدائه المصاعب، ورمى الله من ألحد في دينه من سطوتهم بعذاب واصب، فإن أولى من تلقته وجوه النعم السوافر، واستقبلته نعم العوارف التي هي من غير الأكفاء نوافر، وأتته السعود المقبل، واتته الآلاء المقيمة والمستقبلة، من صحت شجاعته في مواقف الجهاد المدلهمة، وسمحت شهامته في الوغى بمجال السيوف المرهفة لدفع الخطوب الملمة، وأقرت له أقرانه بأنه فارس هيجائها الذي كم كشف بأسنته عن قلوب العدا للمؤمنين غم غمة.
ولما كان فلان هو المشهود له بهذه المواقف، المشهور بالوقوف في المواطن التي يثبت بها وما بالحتف شك لواقف- اقتضى حسن الرأي الشريف........... إلخ.
وهذه نسخة منشور من ذلك؛ وهي:
أما بعد حمد الله على جيوش كثرها، وجيوب للعدا بالأسنة زررها، وجنوب بالنوم على فرش الأمن الوثيرة آثرها، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أيد الله به الأمة وظفرها، وثبت مواقفه ونضرها، صلى الله عليه وعلى آله صلاة تستمد الأيام والأنام من رفيها آصالها وبكرها- فإن من ورد البحر أغناه بمده، ومن تعرض لسقيا السحاب جاد له برفده، ومن جاور كوكب السعد فاض عليه من سعده، ومن تيمم نادي الندى كان أدنى إلى نيل قصده، ومن يمت بخدمة كان من حقه رعاية عهده.
ولما كان فلان هو الذي قدم خدماً شهدت بها غرر الأيام، ولسان كل ذابل وحسام، وكل كمي لوت إلى فؤاده من يده طيور سهام، وجربناه فحمدناه بالتجريب، ودربناه حتى تأهل للتأمير بالتدريب، واستحق المكافأة على ما آثره، وكانت له خدمة عندنا كالحسنة له عنها عشرة.
فلذلك خرج الأمر الشريف- لا زال يمد أولياءه ويسعدهم، ويقرب أخصاءه ولا يبعدهم، أن يجرى في إقطاعه........... إلخ.
وهذه نسخة منشور من ذلك؛ وهي: يغدو لنا من هذا والداً من أعز الأنصار ومن هذا ولداً.
فلذلك خرج الأمر الشريف- لا برح يوفر لأوليائه، من الإحسان المدد، ويكثر لأصفيائه، من الأعوان على الطاعة العدد، ويشمل بره ومعروفه الوالد والولد-........... إلخ.
وهذه نسخة منشور؛ وهي: أما بعد حمد الله الذي زين سماء دولتنا من ذراري أوليائنا بمن يفوق الدراري إشراقاً، وأنار مطالع مواكبنا المنصورة من كواكب أصفيائنا بمن يبهر العيون ائتلاقاً واتساقاً، وجمع شمل السعادة لأهل بيت اتسقت عقود ولائهم في طاعتنا فحسنت في جيد الدهر انتظاماً وانتساقاً، جاعل سيوف دولتنا في مراضينا مرهفة الغرار، مرتقبة أما بعد حمد الله على عم منحها، وأبواب فضل فتحها، وآمال للأولياء أنجحها، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي هدى الله به الأمة الإسلامية وأصلحها- فإن أولى من همت عليه سحائب الإحسان، وافتتحه أيامنا الشريفة بمقدمة كرم تميزه بين الأقران- من جعل الولاء له خير ذخيرة، وأجمل فيما أسره وأبداه من حسن السيرة والسريرة، وكانت له الطاعة التي يحسن فيها الاعتقاد، والشجاعة التي ظهرت في مواقف الحروب والجهاد، والخدمة التي لم يزل فيها مشكور المساعي، والموالاة التي لم يبرح عليها موفر الدواعي.
ولما كان فلان ممن له الخدمة التي تقضي بالتقديم، وتوجب له على إحسان دولتنا الشريفة رفعة القدر ومزيد التكريم- اقتضى حسن الرأي الشريف أن نحله مراتب ذوي الأمر والإمرة، ونظمه في سلك من سره بإنعامه ورفع قدره.
فلذلك خرج الأمر الشريف لا برح........... إلخ.
الضرب الثاني في مناشير أولاد الأمراء:
وهي كالتي قبلها إلا أنه يقع التعرض فيها إلى الإشادة بآبائهم، وربما أطيل فيها مراعاة لهم.
وهذه نسخة مناشير من ذلك: وهذه نسخة منشور؛ وهي: أما بعد حمد الله الذي جعل سيف دولتنا المحمدي ناصراً، وجمع شمل أعز الأولياء والأبناء في خدمتنا على إنعامنا الذي أضحى بين الأنام مثلاً سائراً، وأقر الأعين من ذراري أصفيائنا بما يفوق الدراري التي غدا نورها في أفقها زاهياً زاهراً، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أيده الله من أوليائه بعشيرته الأقربين، وشد أزره من أصحابه بالأبناء والبنين، وعلى آله وصحبه صلاة لا نزال بها في درج النصر مرتقين، ولا يرح لنا بها حسن العاقبة بالظفر على الأعداء والعاقبة للمتقين- فإن أنمى الغروس من كان أصله في درج الولاء ثابتاً، وأزهى الثمر ما كان في أغصان الوفاء نابتاً، وأبهى الأهلة ما بزغ في سماء الإخلاص، وطلع آمناً من السرار والانتقاص، وأعز الأولياء من نشأ في ظل القرب والاختصاص، وتلقى ولاءنا عن أبوة كريمة جمعت له من العلياء شمل طارفه وتالده، وحذا في عبوديتنا حذو والده، ولا غرو أن يحذو الفتى حذو والده، وتحلى بطريقته المثلى في الموالاة التي عدم له فيها المضاهي والمماثل، ولاحت على أعطافه مخايل الإخلاص فيعرف فيه من تلك المخايل.
ولما كان فلان هو جوهر ذلك السيف المشكور بالمضاء، عند الانتضاء، ونور ذلك البدر المشهور في أفق العلياء، بالغناء والسناء؛ كم لأبيه في خدمتنا عند تزلزل الأقدام من مواقف، وكم أسلف في طاعتنا من مخالصة عند الاختلاف وهو عليها عاكف؛ ما تقدم في كتيبة الإقدام إلا والنصر له معاضد، ولا جرد في مهم إلا أغنى عما سواه واستحق أن ينشد ولكن سيف الدولة اليوم واحد.
اقتضى حسن الرأي الشريف أن ننضد لسعادتهما عقداً منضداً، وأن نخص كلاً منهما بإمرة حتى الأعداء فما جردت عليهم إلا أرتهم مصارع الاغترار، والشهادة له بالوحدانية التي نطق بها لسان التوحيد والإقرار، وجعلت وسيلة إلى الخلود بدار القرار، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أنجده الله من خاصته بالأعوان والأنصار، ورفع لواء نبوته حتى صار منشور الأعلام في الأمصار، وعلى آله وصحبه الذين ميزهم الله بشرف قربه، وجعل للآباء منهم فضل المزية من قلبه، ورفع أقداهم بأن جعل منهم حبه وابن حبه- فإن أولى من جمع شمل السعادة في إزاره، ورفعت راية الإمارة لفخاره، من نشأ على إخلاص الولاء الذي أشبه فيه أباه، ولمعت بروق أسنته التي ونشهد أن محمداً عبده ورسوله أغمدها في رقاب عداه، كم جرد النصر لنا من أبيه سيفاً في مواقف التأييد وأمضاه؛ كم زكا فرعه السامي في رياض الإخلاص، وأبدر هلاله المشرق في مطالع الاختصاص.
ولما كان فلان هو الذي نشأ في خدمتنا وليداً، وغذي بلبان طاعتنا فأمسى حظه سعيداً، وأضحى رأيه حميداً، ولم يزل لأبيه أعزه الله حقوق ولاء تأكدت أسبابها، مدت في ساحة الاعتداد أطنابها، وحسن في وصف محافظتها إسهاب الألسنة وإطنابها- اقتضى حسن الرأي الشريف أن نرفي هلاله إلى منازل البدور، وأن نطلعه في سماء عز بادية الإنارة واضحة السفور، وأن نعلي من ذلك قدره إلى محل الإمارة، وأن نتوجه منها بما يكون أعظم دليل على إقبالنا وأظهر أمارة.
فلذلك خرج الأمر الشريف لا زال........... إلخ.
وهذه نسخة منشور، وهي: أما بعد حمد الله على آلائه التي أقرت عيون أصفيائنا بما خصت به آباءهم من عموم النعم، وسرت قلوبنا بما جددت لذراريهم من حسن الترفي إلى ما ناسبهم من شريف الخدم، وأنشأت في دولتنا الشريفة من أولاد خواصنا كل شبل له من الظفر ظفر ومن مسبل الذوائب أجم، وإذا شاهدت الأسود الكواسر شدة وثباته وثباته، شهدت بأنه أشبه في افتراس الفوارس أباه ومن أشبه أباه فما ظلم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي ما زال دين الله بمجاهدة أعدائه مرفوع العلم، ونصر الله باقياً في أمته يتناقله من الأبناء من كان ثابت القدم من القدم، وعلى آله الذين جلوا بألسنتهم وسنتهم غياهب الظلم- فإن أولى من وطدت له درج السعود ليتوقل في هضبها، ويتنقل في رتبها، ويتلقى بوادر إقبالها، ويترقى إلى أسنى منازل السعد منها وأيام شبيبته في اقتبالها، ويرفل في حلل جدتها المعلمة الملابس، ويرتاد في رياض يمنها النأمية المنابت الزاكية المغارس- من نشأ في ظل آلائنا، وغذي بلبان ولائنا، ولفي فروض طاعتنا ناشئاً فهو يتعبد بحفظها، ويدين بالمحافظة على معناها ولفظها، وينقل عن أبيه قواعدها وأحكامها فهو الشبل ابن الليث، والندى الصادر عن الغيث، والفرند المنتسب إلى معدن ولائنا عنصره، والهلال الذي سيضيء بإشراق جودنا عليه نيره.
ولما كان فلان هو الذي توشح عقد هذا الثناء بثمينه، ورشح لتنأول راية الإمارة بيمينه، وقابل إقبال طلعتنا فأكسبه اشراقنا إنارة جبينه- اقتضى حسن الرأي الشريف أن ننضد عقود الإحسان بتحلية نحره، وأن نضفي عليه ملابس جودنا وبره.
فلذلك خرج الأمر الشريف لا برح........... إلخ.
وهذه نسخة منشور؛ وهي:
أما بعد حمد الله منور الأهلة في آفاقها، ومنول عوارفه بإرفاقها، ومكمل عطاياه بإطلاقها، ومنشيء ذراري الأولياء كالدراري في إشراقها، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي جمع القلوب بعد افتراقها، وشفع في الخليقة إلى خلاقها، وعلى آله وصحبه البحور في اندفاقها، والبدور في ائتلاقها، فإن أبناء الأولياء أشبال الأسود، وعليهم عاطفتنا تجود، قد أنشأت نعمنا آباءهم فأصبحوا للدولة أنصاراً، وألحقناهم بهم في التقديم فأقروا أبصاراً، وكان ممن ترعرع ناشياً، وغدا فرعاً زاكياً، وتدرب على صهوات يمتطيها، وتأهل لحلول النعم برضا مفضيها، ودلت حركاته على أن الشجاعة سجية طباعه، وأنه تروى بلبان الطاعة من وقت رضاعه، وأن أباه، أجله الله أحسن مرباه، فأشبهه بجميل اتباعه، وهو فلان المنتخب في الدولة الناضرة، المشبه في الإضاءة النجوم السافرة.
فلذلك خرج الأمر الشريف........... إلخ.
النوع الثالث من المناشير: ما يفتتح بخرج الأمر الشريف:
وحكمها حكم أواخر المناشير المفتتحة بالحمد لله، وبأما بعد حمد الله، يقتصر فيها على هذا الافتتاح الذي هو آخر المناشير، ويدعى له بما يناسب.
وهذه نسخة منشور ينسج على منوالها؛ وهي: خرج الأمر الشريف العالي، المولوي، السلطاني، الملكي، الفلاني، الفلاني، بلقب السلطنة واللقب الخاص أعلاه الله تعالى وشرفه، وأنفذه في الآفاق وصرفه، أن يقطع باسم فلان ثم يذكر ما اشتملت عليه المربعة الجيشية.
قلت: وقد تقدم أن مناشير العربان منها ما يفتتح بالحمد لله، ومنها ما يفتتح بأما بعد حمد الله، ومنها ما يفتتح بخرج الأمر الشريف، ومناشير التركمان والأكراد منها ما يفتتح بأما بعد حمد الله؛ ومنها ما يفتتح بخرج الأمر الشريف، على ما تقدم بيانه؛ ولا يخفى أن الترتيب في مناشيرهم على ما تقدم ذكره في جميع المراتب، إلا أنه قد تمتاز هذه الطوائف بألفاظ تخصهم، لا سيما مناشير العرب فإنهم يمتازون بألفاظ وألقاب تخصهم.
وهذه نسخة منشور لأمير عرب مفتتحة بالحمد لله ينسج على منوالها، وهي: الحمد لله الذي أرسل ديم كرمنا دائمة الإمداد، وشمل بجودنا كل حاضر وباد، وجعل أيامنا الشريفة تخص بطولها كل طيب النجار طويل النجاد.
نحمده حمداً بحلاه يزدان ومن جداه يزاد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تمهد لقائها خير مهاد، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الكريم الأجداد الرحيب الناد، أرسله لإصلاح الفساد، وإرباح الكساد، وكشف العناء وإزالة العناد، صلى الله عليه وعلى آله الذين أرهفوا في جهاد أعداء الله البيض الحداد، وأرعفوا السمر الصعاد، وعلى أصحابه الذين كانوا يوم الفخار السادات ويوم النزال الآساد، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فإن أولى من عمرنا بكرمنا مربعه وناديه، وأمطرنا ثرى أمله بغادية مغادية، وسفر له وجه إحساننا عن واضح أسرته، وقابله إقباله فقدمه على قبيلته وميزه على أسرته، من أخلص في طاعتنا ضميراً، واتبع جادة موالاتنا فأصبح بتجديد نعمنا جديراً، وحذا في خدمتنا أحسن حذو، وعرف بجميل المخالصة في الحضر والبدو، واشتهر بالشجاعة التي طالما فرقت جموعاً، وأقفرت من الأعداء ربوعاً، واتصف بالإقدام الذي ما ألف عن محارب رجوعاً، كم أنهل مثقفاته في دماء النحور، وأشرع صعاده فأوردها الأوردة وأصدرها في الصدور، ورفع من أسنتها في ليل النقع ناراً قراها لحوم العدا وأضيافها الآساد والنسور.
ولما كان فلان هو الممنوح هذا الإنعام الغمر، والممدوح في مواقف الحروب بإقدام عمرو.
فلذلك خرج الأمر الشريف- لا برحت شاملة مواهبه، هاملة سحائبه- أن يجرى في إقطاع........... إلخ.
أما الزيادات والتعويضات فإنها إن افتتحت بأما بعد فعلى ما تقدم في أمراء العشرات؛ إلا أنه يقال أن يجرى في إقطاعات على الجمع، وإن افتتحت بخرج الأمر الشريف، فعلى ما تقدم في إقطاعات الأجناد، إلا أنه يقال أن يجرى ولا يقال أن يقطع.